اعلان

قصة اغنية يا رايحين للنبي الغالي - ليلى مراد

الحقيقة الوحيدة التى لا تقبل الجدل هى أن ليلى مراد غنت هذه الأغنية فى فيلمها (ليلى بنت الأكابر) الذى عُرض فى العام ١٩٥٣، والثابت كذلك أن تلك الأغنية جرت إضافتها لأحداث الفيلم ولم تكن فى السيناريو الأصلى الذى كتبه أبوالسعود الإبيارى، أما عن الأسباب التى دفعت ليلى مراد لطلب إضافة هذه الأغنية بالذات فنجد أنفسنا أمام ثلاثة 

تفسيرات:

الأول يقول إن ليلى مراد كانت قد خططت لأداء فريضة الحج لأول مرة فى حياتها فى ذلك العام، لكن موسمها تزامن مع تصوير الفيلم، فطلبت من استوديو مصر إجازة للسفر إلى الأراضى المقدسة، وفوجئت بالرفض القاطع، لأن وقف التصوير كان يعنى خسائر فادحة لا يستطيع تحملها، ولأن قلبها كان قد تعلق بزيارة النبى، فإنها طلبت من الإبيارى أن يضيف أغنية للفيلم تبعث من خلالها بسلامها مع الحجيج إلى ساكن المدينة المنورة، فكتب أبوالسعود «يا رايحين للنبى الغالى»، وأخذت ليلى الكلمات وذهبت بها بنفسها إلى رياض السنباطى فى فيلته بشارع إسماعيل الفلكى بمصر الجديدة، ورجته أن يلحن لها الأغنية بأسرع ما يمكن لتلحق بالفيلم، وقد كان.

التفسير الثانى يذهب إلى أن أغانى الحج كان موضة فى سينما هذه الأيام وأفلامها، وحققت نجاحا لافتا، وكانت نور الهدى أول من فعلتها فى فيلمها «أفراح» فى العام ١٩٥٠، فغنت من كلمات حسن توفيق ولحن عبدالعزيز محمود «مبروك يا حاج وعقبالنا».. وفى العام التالى ١٩٥١ غنى محمد الكحلاوى فى فيلمه «الصبر جميل» أغنية عن الحج من ألحانه وكلمات كمال محمد.. وتفاعل الجمهور وقتها مع تلك الأغانى ورددها فى موسم الحج، مما حفز ليلى مراد لأن تدخل على الخط وتقدم فى فيلمها الجديد أغنية تنافس بها الكحلاوى ونور الهدى.. فكانت أغنيتها التى صارت الأشهر والأجمل عن الحج منذ أن غنتها عام ١٩٥٣ وحتى يرث الله الأرض ومن عليها.

أما التفسير الثالث فهو الأقرب للحقيقة والمنطق، فوقتها كانت ليلى مراد تعيش أكبر محنة فى حياتها، حيث تعرضت لحملة تشكيك شرسة فى عروبتها وإسلامها، وخرجت الشائعات عن تبرعها بمبلغ ٥٠ ألف جنيه لدولة إسرائيل، وزعمت أن ليلى ما زالت على يهوديتها، وأن إشهار إسلامها «بالأزهر فى العام ١٩٤٦» لم يكن إلا تمثيلية، وأنها ما زالت على إخلاصها ليهوديتها، بل إنها سافرت سرا إلى إسرائيل لزيارة أسرتها التى هاجرت إلى الدولة العبرية وكلفها جهاز الموساد بالعمل لحسابه.. وراجت تلك الشائعات وذاعت، وصدقها الكثيرون فى وقت كانت ثورة يوليو قد بدأت ترفع شعارات العداء لإسرائيل، وأصدرت الحكومة السورية قرارا بمنع إذاعة أغانى ليلى مراد وأفلامها، ولقى القرار أصداء واسعة فى القاهرة، وباتت ليلى محاصرة بالشائعات والسهام المسمومة، وكان عليها أن تثبت للجميع أنها عربية.. ومسلمة.

ذهبت ليلى إلى مجلس قيادة الثورة والتقت اللواء محمد نجيب وسلمته شيكا بمبلغ ألف جنيه تبرعا منها للجيش المصرى، ودعما للثورة وتوجيهاتها غنت أغنيتها «دور يا موتور» تدعو فيها الشعب إلى استخدام المنتجات المصرية الوطنية «مصر الحرة ولو تتعرى ما تلبس مرة نسيج من برة لا حرير بمبه ولا كستور» من كلمات بيرم وألحان حسين جنيد.

وكان عليها أيضا أن تثبت عمليا أن إسلامها لم يكن تمثيلية، وأنها قطعت علاقتها بعقيدتها اليهودية، فلما جاءها فيلم «ليلى بنت الأكابر» طلبت من مؤلفه أبوالسعود الإبيارى أن يضيف أغنية فى مديح نبى الإسلام وشوقها لزيارته، ولم يكن الطلب صعبا، ففى الفيلم هناك مشهد يسافر فيه جدها فى أحداثه، زكى رستم، لأداء فريضة الحج، فكتب أبوالسعود من وحى المشهد وتلبية لطلب ليلى مراد:

«يا رايحين للنبى الغالى هنيالكم وعقبالى يا ريتنى كنت وياكم وأروح للهدى وأزوره وأبوس من شوقى شباكه وقلبى يتملى بنوره وأحج وأطوف سبع مرات وألبى وأشوف منى وعرفات وأقول ربى كتبها لى يا رايحين للنبى الغالى». 

ونجحت الأغنية ورددها الناس مع ليلى مراد بصوتها الملائكى وصدقها فى الأداء، وصدقها الناس وبدأت الشائعات عن علاقتها بإسرائيل تتآكل وتتلاشى، خاصة بعد أن اعتزلت الفن والحياة العامة وتزوجت من أحد ضباط يوليو «وجيه أباظة» وتفرغت لتربية أولادها «زكى فطين عبدالوهاب» و«أشرف وجيه أباظة»!

قصص_الاغاني.jpg

Share this

شاركشارك